الإنفصال عن النرجسي و كسر التعلق العاطفي

الإنفصال عن شخص نرجسي ليس مجرد إنهاء علاقة عاطفية, بل هو تحرر من دائرة معقدة من التلاعب العاطفي و الإستغلال النفسي. النرجسيون غالباً ما يتركون ضحاياهم في حالة من الإرتباك و التعلق, مما يجعل كسر هذا الإرتباط تحدياً كبيراً. الإنفصال عن النرجسي أصعب بكثير من الإنفصال عن شخص عادي, و ذلك لأن النرجسي يخلق ديناميكية تجعلك تعتمدين عليه عاطفياً رغم الأذى و هذا ما نسميه بالإرتباط العاطفي القهري. يستخدم النرجسي أساليب مثل اللوم, الشعور بالذنب, و التضليل لإبقائك في العلاقة أي التلاعب العاطفي. النرجسي قد يعطي وعوداً كاذبة بالتغيير, مما يجعل الضحية تتردد في المغادرة تمسكاً بأمل زائف. بعض الضحايا يخشون انتقام النرجسي أو التهديدات التي قد يطلقها, مما يجعلهم خائفين من العواقب

إدراك أن العلاقة لم تكن صحية من الأساس هو الخطوة الأولى للتحرر منها بالإضافة إلى فهم طبيعة العلاقة النرجسية و ما يتم فيها من تلاعب. فالعلاقات مع النرجسيين عادةً ما تتبع دورة متكررة تبدأ من الإغراق العاطفي حيث يظهر النرجسي اهتماماً مفرطاً لجذبك و لطمئنة الضحية, بمجرد أن يضمن تعلقك به تبدأ المرحلة الثانية و هي التقليل و الهدم حيث يبدأ في التقليل من قيمتك و إحداث الشك في ذاتك و تستمر الدورة إلى الهجر و التجاهل و ذلك عندما يشعر أنه فقد السيطرة عليك, يبدأ في الإبتعاد أو استخدام التلاعب العاطفي لإبقائك تحت تأثيره. بعد محاولاتك للإبتعاد, قد يعود النرجسي بإشارات مختلطة ليعيدك إلى الحلقة ذاتها و هذا ما يسمى بإعادة الإستدراج

عليك بالوعي بخداع النرجسي و عدم تصديقه, إعداد خطة خروج واضحة و التمسك بها, الحصول على دعم من الأصدقاء, العائلة, أو معالج نفسي. و هذا ليس بالعمل السهل, فغالباً ما يجد ضحايا العلاقات النرجسية صعوبة في إيصال معاناتهم للآخرين, لأن الأذى النرجسي ليس مرئياً بسهولة مثل الأذى الجسدي, لذلك قد يقلل المجتمع من معاناتهم بسبب أولاً عدم فهم التلاعب العاطفي, فكثير من الناس لا يدركون أن الأذى النفسي يمكن أن يكون مدمراً مثل الأذى الجسدي. ثانياً الصورة المزيفة للنرجسي, فالنرجسي الخفي غالباً ما يكون محبوباً و ذكياً في خداع الآخرين, مما يجعل الضحية تبدو و كأنها تبالغ. ثالثاً اللوم المجتمعي, بعض الضحايا يطلب منهم التسامح أو إعطاء فرصة أخرى, مما يعزز الشعور بالذنب لديهم. و أخيراً بسبب العزلة التي يفرضها النرجسي, فالضحايا غالباً ما يكونون معزولين عن الدعم الحقيقي بسبب سيطرة النرجسي عليهم لفترة طويلة

عليك بكسر التعلق العاطفي بوعي

إعلمي أن التعلق بالنرجسي ليس حباً حقيقياً, بل هو نتيجة الإرتباط العاطفي القهري الذي يخلقه التلاعب المستمر. لفك هذا التعلق, جربي الخطوات التالية

 (No Contact) استراتيجية لا تواصل

احذفي رقمه و احظري حساباته على وسائل التواصل, لا تراقبي نشاطاته

أو تحاولي معرفة أخباره, إذا كان لابد من التواصل بسبب الأطفال مثلاً, اجعلي التفاعل مقتصراً على الضروري فقط و بلغة محايدة

تعلمي فن التعامل مع الإنسحاب من الإدمان العاطفي

التعلق بالنرجسي يشبه الإدمان العاطفي, و عند الإنفصال قد تشعرين برغبة قوية في العودة إليه رغم الأذى ذكري نفسك بأن هذا الشعور مؤقت و سيزول مع الوقت

عند التفكير فيه, اشغلي نفسك بنشاط أخر مثل الرياضة أو الكتابة

اكتبي قائمة بالأسباب التي دفعتك للإنفصال و ارجعي إليها عندما تضعفين

قومي بتفعيل الدعم النفسي و الإجتماعي

تحدثي مع أشخاص تثقين بهم عن تجربتك

انضمي إلى مجموعات دعم أو استشيري مختصاً نفسياً لمساعدتك في تجاوز هذه المرحلة. ابتعدي عن العزلة, حتى لو لم تكن لديك رغبة في التواصل الإجتماعي الآن. النرجسي غالباً ما يترك ضحيته في حالة من الشك في ذاتها و انخفاض الثقة بالنفس. الآن هو الوقت لإستعادة قوتك, استعيدي ثقتك بنفسك, أعيدي تعريف مفهوم الحب و العلاقات

توقعي محاولات النرجسي للعودة

النرجسيون نادراً ما يتركون ضحاياهم بسهولة, لذا كوني مستعدة لمحاولات إعادة الإستدراج عبر

الإطراء المفاجئ أو الإعتذار الكاذب

محاولات إثارة غيرتك عبر أشخاص جدد

استغلال نقاط ضعفك مثل الوحدة أو الشعور بالذنب

لا تعودي أبداً. تذكري أنك لم تغادري العلاقة عبثاً, بل لحماية نفسك

تشير الدراسات إلى أن الضحايا الذين يخرجون من العلاقات النرجسية يعانون من

(PTSD) أعراض اضطراب ما بعد الصدمة

الشعور بالذنب و الإرتباك بسبب التلاعب العاطفي

الإدمان العاطفي بسبب دورات التلاعب و التعزيز المتقطع

أنت لست ضعيفة, و لم يكن خطؤك أنك أحببت بصدق. القوة الحقيقية ليست في تحمل الأذى, بل في اختيار نفسك أخيراً. أنت تستحقين السلام, و الحرية, و الحب الحقيقي الذي لا يؤذيك, كل خطوة تخطينها بعيداً عن الألم هي انتصار, حتى لو بدت صغيرة الآن. الإنفصال عن النرجسي ليس مجرد إنهاء علاقة, بل هو تحرر نفسي و استعادة كرامتك و هويتك. سيكون الأمر صعباً في البداية, لكن مع الوقت ستشعرين بالخفة و الحرية التي لم تملكيها من قبل. امنحي نفسك الوقت و المساحة للشفاء, و اعملي على بناء حياة جديدة تستحقينها

By Dr. Hayfaa Shaheen

psychological counseling and systemic coaching

Previous
Previous

الأم النرجسية

Next
Next

Trennung von einem Narzissten und das Durchbrechen der emotionalen Abhängigkeit